الفن والترفيهكل الأخبار

نجل فيروز.. من هو الموسيقار الراحل زياد الرحباني؟

توفي الفنان اللبناني زياد الرحباني، السبت، عن عمر ناهز 69 عاماً، بعد صراع مع المرض، داخل أحد مستشفيات العاصمة بيروت، لينطوي برحيله فصل من فصول الإبداع الفني الذي طالما ميّز الحياة الثقافية في لبنان والعالم العربي.

زياد، وهو نجل السيدة فيروز والراحل عاصي الرحباني، لم يكن مجرد وريث لعائلة فنية عظيمة، بل كان حالة فريدة في المسرح والموسيقى والنقد السياسي والاجتماعي. برز في السبعينيات كصوت متمرد يدمج بين الفن والواقع، واشتهر بأسلوبه الساخر الذي لم يوفّر أحداً، بما في ذلك الإرث الرحباني نفسه، الذي واجهه بنقد لاذع في سنواته الأولى.

بداية مسيرة زياد الرحباني

بدأت مسيرة زياد الفنية في مطلع السبعينيات، حيث أطلق أولى مسرحياته بعنوان “سهرية”، قبل أن يحقق في عام 1980 نجاحاً لافتاً بمسرحية “فيلم أميركي طويل”، التي دارت أحداثها في مستشفى للأمراض العقلية، وعكست بذكاء الواقع اللبناني الممزق بالحرب والانقسامات الطائفية.

زياد الرحباني
زياد الرحباني

وبمرور السنوات، صارت أعماله المسرحية مرآة للواقع اللبناني والعربي، إذ تميزت بسخرية مريرة من الواقع السياسي والاجتماعي، وبنقده الجريء للتقاليد، والطبقة السياسية، والنفاق المجتمعي، دون أن يتخلى عن البعد الإنساني والعاطفي في طرحه.

ملحن فيروز… وصاحب التجديد

لحّن زياد لوالدته فيروز عدداً من أبرز أغانيها في مرحلة لاحقة من مسيرتها، من بينها “سألوني الناس”، “أنا عندي حنين”، “سلّملي عليه”، “حبيتك تنسيت النوم”، و**”عودك رنّان”**. كما كانت أغنية “كيفك إنت؟” التي أطلقتها فيروز عام 1991 من أبرز أعماله معها، وأثارت يومها جدلاً بين من رأوا في تلك التجربة تجديداً ضرورياً، وآخرين اعتبروها خروجاً عن الطابع الكلاسيكي لصوت فيروز.

زياد الرحباني
زياد الرحباني

بين المسرح والموسيقى… واستمرار الحضور

زياد لم يكتف بالمسرح، بل أثبت نفسه أيضاً كملحن ومؤلف موسيقي رفيع المستوى، جمع بين الجاز والموسيقى الشرقية والفلكلور اللبناني. وفي عام 2018، قدّم عرضاً موسيقياً كبيراً في افتتاح مهرجانات بيت الدين الدولية، استعاد فيه أبرز أعماله، إلى جانب أعمال للأخوين الرحباني، ضمن تجربة تخللتها مقطوعات موسيقية وتعليقات ساخرة امتدت لساعتين.

إرث فني لا يُمحى

برحيل زياد الرحباني، يخسر لبنان والعالم العربي أحد أبرز الأصوات الفنية التي شكّلت وعياً فنياً وسياسياً خاصاً. هو ليس مجرد فنان، بل ظاهرة فكرية وثقافية، ترك بصمته على المسرح والموسيقى والنقد، وفتح أبواباً جديدة للتجريب، والقول المختلف، والتعبير الصادق عن معاناة الإنسان العربي.

ويبقى زياد، حتى بعد وفاته، مدرسة قائمة بذاتها، تمزج بين الألم والسخرية، وبين العبث والعمق، في رحلة طويلة من الإبداع لن تتكرر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى